إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً، وأصلي وأسلم على خير معلّم وخير مربٍ سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين ….
وبعد
فقد فكرتُ كثيراً في مادة أقدمها تكون تعزيزاً وتوجيهاً لي ولكل من أراد المنهجية في تدريس الإملاء العربي ذلكم الكنز الذي لايقدر بثمن حين يكون جواز المرور لمعارفنا وعلومنا ولتقدمنا وحضارتنا بل لحياتنا وإصلاح أمور دنيانا .
هذا وقد بدأت ورقة بحثي ببيان منـزلة الإملاء ثم بيان الغرض من تعليمه للناشئة ، وتعرضت بعد ذلك للمادة التي تخضع للإملاء وشروطها حتى تؤدي الغرض منها، ثم أوضحت العلاقة بين الإملاء وغيره من فنون اللغة والقيم والاتجاهات التي ينبغي تعليمها أثناء الإملاء، وتعرضت بعد ذلك لأنواع الإملاء وطرق تريس كل نوع ثم أنهيت ذلك كله بطرق تصحيحه . وأسأل الله العلي القدير أن يجعله خالصا لوجهه قدر ما أنفق فيه من جهد وما أصبو إليه من أمل في العمل بهذه الرؤي المؤصلة تربوياً كما أساله التوفيق وهو الهادي إلى سبيل الرشاد.
منزلة الإملاء
للإملاء مـنـزلة كبيرة بين فروع اللغة ،فهو من الأسس الهامة للتعبير الكتابي ،وإذا كانت القواعد النحوية والصرفية وسيلة لصحة الكتابة من النواحي الإعرابية والاشتقاقية ونحوها ،فإن الإملاء وسيلة لها من الناحية الخطية ،والخطأ الإملائي يشوه الكتابة ،وقد يعوق فهم الجملة كما أنه يدعو إلى احتقار الكاتب .
وللإملاء مهمة كبيرة جدا بالنسبة للصغار، فمن خلال النظر لدفتر التلميذ يمكننا تحديد مستواه.
الغرض منه
تدريب التلاميذ على رسم الحروف والكلمات رسما صحيحا ،مع زيادة العناية بالكلمات التي يكثر فيها الخطأ ،والإملاء فرع من فروع اللغة ،فيجب أن يحقق نصيبا من الوظيفة الأساسية للغة ،وهي الفهم والإفهام ، وإجادة الخط .
مادته
ينبغي في اختيار القطعة مايلي :
· أن تشتمل على معلومات طريفة ومشوقة ،تزيد في أفكار التلاميذ وتمدهم بألوان من الثقافة والخبرة.
· أن تكون لغتها سهلة ومفهومة.
· أن تكون مناسبة من حيث الطول والقصر.
· لا مانع من اختيار قطعة الإملاء من موضوعات القراءة ،وعدم التكلف في تأليفها.
الصلة بين الإملاء وغيره
يفهم مما سبق أن الإملاء لا تقف غايته عند هذه الحدود القريبة التي يظنها البعض،ولكن ينبغي اتخاذ الإملاء وسيلة لألوان متعددة من النشاط اللغوي ،وللتدريب على كثير من المهارات والعادات الحسنة في الكتابة والتنظيم ،وهذه النواحي التي ينبغي ربطها بالإملاءهي : التعبير ،والقراءة ،والثقافة العامة ،والخط ،المهارات والعادات الحسنة.
أنواع الإملاء
وللإملاء أنواع متعددة منها :
1. الإملاء المنقول :ومعناه أن ينقل التلاميذ القطعة من الكتاب أو من سبورة إضافية
بعد قراءتها وفهمها ،وتهجي بعض كلماتها شفويا ،وهذا النوع يناسب تلاميذ المرحلة التأسيسية .
2.الإملاء المنظور :ومعناه أن تعرض القطعة على التلاميذ لقراءتها وفهمها ،وهجاء بعض كلماتها،ثم تحجب عنهم ،وتملى عليهم بعد ذلك .وهذا النوع من الإملاء يناسب تلاميذ الصفي الرابع والخامس .
3.الإملاء الاستماعي: ومعناه أن يستمع التلاميذ إلى القطعة، وبعد مناقشتهم في معناها، وهجاء كلماتها ، أو كلمات مشابهة لما فيها من الكلمات الصعبة ،تملى عليهم .
4. الإملاء الاختباري :والغرض منه تقدير التلميذ ،وقياس قدرته ومدى تقدمه ؛ولهذاتملى عليهم القطعة بعد فهمها دون مساعدة له في الهجاء.
طرق تدريس الإملاء
· التمهيد لموضوع القطعة ،بعرض النماذج أو الصور أو الأسئلة .
· عرض القطعة ،وقراءتها قراءة نموذجية .ثم قراءات فردية من التلاميذ،ويجب عدم مقاطعة القارئ لإصلاح خطأ وقع فيه.
· أسئلة في معنى القطعة للتأكد من فهم التلاميذ لأفكارها .
· تهجي الكلمات الصعبة التي في القطعة ،وكلمات مشابهة لها ويحسن تمييز هذه الكلمات إما بوضع خطوط تحتها وإما بكتابتها بلون مخالف ،ويطلب من تلميذ قراءتها وتهجي حروفها ،ثم يطالب غيره بتهجي كلمه أخرى مشابهة للكلمة الأولى .
· يطلب المعلم من التلاميذ إخراج الكراسات ،وأدوات الكتابة ،ثم يملي عليهم القطعة الإملائية .
· قراءة المعلم القطعة مرة أخرى ليصلح التلاميذ ما وقعوا فيه من خطأ .
· جمع الكراسات بطريقة منظمة هادئة .
أهمية الإملاء المنقول
درس الإملاء المنقول يحقق كثيرا من الغايات اللغوية والتربوية :
· ففيه تدريب على القراءة ,وتدريب على التعبير الشفوي .وتدريب على الكلمات الجديدة .وكذلك يتعود دقة الملاحظة ،وحسن المحاكاة،وتنمو مهارته في الكتابة ، ويتعود كذلك النظام والتنسيق .
الإملاء المنظور
طريقته مثل طريقة الإملاء المنقول ،إلا أنه بعد الانتهاء من القراءة ومناقشة المعنى،وتهجي الكلمات الصعبة ونظائرها تحجب القطعة عن التلاميذ ،ثم تملى عليهم .
الإملاء الاستماعي
يسير الدرس على حسب الخطوات الآتية :
· التمهيد بالطريقة السابقة .
· قراءة المعلم القطعة ،ليلم التلاميذ بفكرتها العامة .
· مناقشة المعنى العام بأسئلة يلقيها على التلاميذ .
· تهجي كلمات مشابهة للمفردات الصعبة التى في القطعة .
· إخراج التلاميذ لكراساتهم وأدوات الكتابة ثم كتابة القطعة .
· قراءة المعلم للقطعة للمرة الثانية ,لتدارك الأخطاء والنقص .
· استخدام علامات الترقيم في أثناء الإملاء .
· مراعاة الجلسة الصحيحة للتلاميذ .
· جمع الكراسات بطريقة هادئة ومنظمة .
الإملاء الاختباري
طريقة الإملاء الاختباري مثل طريقة الإملاء الاستماعي مع حذف مرحلة الهجاء .
تصحيح الإملاء
للتصحيح طرق كثيرة منها :
· أن يصحح المدرس كراسة كل تلميذ أمامه ,ويشغل التلاميذ بعمل آخر كالقراءة ,وهذه الطريقة مجدية ؛ لأن التلميذ سيفهم الخطأ ، ولكن يؤخذ عليها أن باقي التلاميذ ربما انصرفوا عن العمل , وجنحوا إلى اللعب والعبث ؛لأن المعلم في شغل عنهم .
· أن يصحح المعلم الكراسات خارج الفصل ،بعيدا عن التلاميذ ، ويكتب لهم الصواب على أن يكلفهم تكرار الصواب ،وهذه الطريقة هي الطريقة الشائعة ،وهي أقل فائدة من سابقتها ،ويؤخذ على هذه الطريقة أن الفترة بين الخطأ التلميذ في الكتابة ومعرفة خطأ التلميذ قد تطول .
· أن يعرض المعلم على التلاميذ نموذجا للقطعة على أن يصحح كل تلميذخطأه بالرجوع إلى هذا النموذج ،وهي طريقة جيدة تعود التلميذ الملاحظة ،والثقة بالنفس كما تعودهم الصدق والأمانة وتقدير المسؤلية ، والشجاعة في الاعتراف بالخطأ .
· أن يتبادل التلاميذ الكراسات بطريقة منظمة فيصحح كل منهم أخطاء أحد زملائه .
وفي الطريقتين الأخيرتين يجب على المدرس أن يجمع بينهما وبين طريقة التصحيح بنفسه ؛ليتأكد أن عمل التلميذ قد تم على الوجه المرضى ،دون إهمال أوتحامل أو محاباة .
خــــاتمـة
وفي النهاية أرجو أن أكون قد ذكَّرتُ بما ينبغي أن نتفق عليه في إدراك مكانة الإملاء والهدف من تعليمه ثم الوقوف على أنواعه المختلفة وطرق تصحيحه ، ولا أدعي أني أتيت بجديد وإنما فقط أقلب فيما يخدم هذا العلم وأقدمه بصورة ميسرة من باب الذكري فكان هذا العرض السريع والتركيز الشديد ، مع يقيني بأن العمل البشري يلزمه القصور فأرجو المعذرة عند التقصير وفوق كل ذي علم عليم ، وسبحانك اللهم لاعلم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق